زينب بنت رسول الله
زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكْبَرُ أَخَوَاتِهَا، مِنَ المُهَاجِرَاتِ السَّيِّدَاتِ.
تَزَوَّجَهَا فِي حَيَاةِ أُمِّهَا: ابْنُ خَالَتِهَا أَبُو العَاصِ؛ فَوَلَدَتْ لَهُ أُمَامَةَ
كان أبو العاص من رجال مكة المعدودين مالاً وأمانة وتجارة، وكانت أمه هالة بنت خويلد أخت خديجة بنت خويلد، وكانت خديجة هي التي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجه بابنتها زينب
فلما جاء الوحي مشوا إلى أبي العاص فقالوا: فارق صاحبتك ونحن نزوجك بأي امرأة من قريش شئت.
قال: لا والله لا أفارق صاحبتي وما أحب أن لي بامرأتي امرأة من قريش، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني عليه في صهره خيراً
و قد أسلمت زينب رضى الله عنها مع أمها و أخواتها و حاولت أن تدعو زوجها إلى الاسلام كذلك حاول معه رسول الله صلى الله عليه و سلم و لكنه رفض أن يترك دين آباؤه و كان مما قال لها :
" والله ما أبوك عندي بمتهم، وليس أحب إليّ من أن أسلك معك يا حبيبة في شعب واحد، ولكني أكره لك أن يقال: إن زوجك خذل قومه وكفر بآبائه إرضاء لامرأته "
هجرة الرسول و بقائها فى مكة
وبعد هجرة رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة المنورة أمر بإحضار ابنتيه فاطمة وأم كلثوم {رضي الله عنهن} إلى دار الهجرة يثرب، أما رقية {رضي الله عنها} فقد هاجرت مع زوجها من قبل ولم يبق سوى زينب التي كانت في مأمن من بطش المشركين وتعذيبهم وهي في بيت زوجها الذي آمنها على دينها.
روى أن أبا العاص شهد بدر مشركاً فأسره , عبد الله بن جبير الأنصارى
فلما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص بمال، وبعثت فيه بقلادة لها كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بني عليها
فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة وقال: ((إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردوا عليها الذي لها فافعلوا)).
قالوا: نعم! يا رسول الله، فأطلقوه وردوا عليها الذي لها.
فكان ممن سمي لنا ممن من عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأسارى بغير فداء , وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه أن يخلي سبيل زينب - يعني: أن تهاجر إلى المدينة - فوفى أبو العاص بذلك
قال ابن إسحاق: ولما رجع أبو العاص إلى مكة، وقد خلى سبيله - بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلاً من الأنصار مكانه فقال: ((كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما زينب فتصاحباها فتأتياني بها)).
فخرجا مكانهما وذلك بعد بدر بشهر - أو شيعه - فلما قدم أبو العاص مكة أمرها باللحوق بأبيها فخرجت تجهز.
فتجهزت فلما فرغت من جهازها قدم إليها أخو زوجها كنانة بن الربيع بعيراً فركبته وأخذ قوسه وكنانته، ثم خرج بها نهاراً يقود بها وهي في هودج لها، وتحدث بذلك رجال من قريش، فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذي طوى وكان أول من سبق إليها هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى الفهري فروعها هبار بالرمح وهي في الهودج، وكانت حاملاً فطرحت وبرك حموها كنانة ونثر كنانته.
ثم قال: والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهماً فتكركر الناس عنه.
وأتى أبو سفيان في جلة من قريش فقال: يا أيها الرجل كف عنا نبلك حتى نكلمك، فكفَّ
فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه فقال: إنك لم تصب خرجت بالمرأة على رؤوس الناس علانية وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا وما دخل علينا من محمد، فيظن الناس إذ خرجت بابنته إليه علانية على رؤوس الناس من بين أظهرنا إن ذلك عن ذل أصابنا وإن ذلك ضعف منا ووهن ولعمري ما لنا بحبسها من أبيها من حاجة.
ولكن ارجع بالمرأة حتى إذا هدأت الأصوات وتحدث الناس أن قد رددناها فسلها سراً وألحقها بأبيها، قال: ففعل.
عن عروة، عن عائشة ذكر قصة خروجها وردهم لها ووضعها ما في بطنها وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث زيد بن حارثة وأعطاه خاتمه لتجيء معه فتلطف زيد فأعطاه راعياً من مكة فأعطى الخاتم لزينب فلما رأته عرفته فقالت: من دفع إليك هذا؟
قال: رجل في ظاهر مكة، فخرجت زينب ليلاً فركبت وراءه حتى قدم بها المدينة.
قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((هي أفضل بناتي أصيبت فيَّ)).
وذكر أن أبا العاص أقام بمكة على كفره و استمرت زينب عند أبيها بالمدينة حتى إذا كان قبيل الفتح خرج أبو العاص في تجارة لقريش، فلما قفل من الشام لقيته سرية فأخذوا ما معه وأعجزهم هرباً وجاء تحت الليل إلى زوجته زينب فاستجار بها فأجارته.
فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة الصبح وكبر وكبر الناس صرخت من صفة النساء: أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص ابن الربيع، فلما سلًّم رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل على الناس فقال: ((أيها الناس هل سمعتم الذي سمعت)).
قالوا: نعم !
قال: ((أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء حتى سمعت ما سمعتم وإنه بجير على المسلمين أدناهم)).
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل على ابنته زينب فقال: ((أي بنية أكرمي مثواه ولا يخلصن إليك فإنك لا تحلين له)).
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فحثهم على رد ما كان معه فردوه بأسره لا يفقد منه شيئاً فأخذه أبو العاص، فرجع به إلى مكة فأعطى كل إنسان ما كان له ثم قال: يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه؟
قالوا: لا فجزاك الله خيراً فقد وجدناك وفياً كريماً.
قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، والله ما منعني عن الإسلام عنده إلا تخوف أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم، فلما أداها الله إليكم وفرغت منها أسلمت. ثم خرج حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ردَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب على النكاح الأول بعد ست سنين[center]رقية بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم
رقية بنت سيد البشر صلى الله عليه وسلم محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب الهاشمية و أمها خديجة رضى الله عنها زواجها قبل النبوة
تزوجها عتبه بن أبي لهب قبل النبوة فلما بعث النبى صلى الله عليه و سلم قال أبو لهب لأبنه : رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق ابنته ففارقها ولم يكن دخل بها و فى رواية : أن أبا لهب كان قد زوّج ولديه عُتْبَةَ وعُتَيْبَة ببنتي رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- رُقَيَّة وأم كُلْثوم قبل النبوة، فلما بادى رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- قريشاً بأمر الله تعالى وعاب آلهتهم، قالوا: إنكم قد فرَّغتم محمداً من همّه، فرُدّوا عليه بناته فاشغلوه بهنّ زواجها من عثمان بن عفان
أسلمت رقية مع أمها و أخواتها و تزوجت من عثمان بن عفان رضى الله عنه و لذلك قصة يحكيها عثمان بن عفان: أنه لما بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج ابنته رقية - وكانت ذات جمال - من ابن عمها عتبة بن أبي لهب، تأسف إذ لم يكن هو تزوجها، فدخل على أهله مهموماً، فوجد عندهم خالته سعدى بنت كريز فقالت له: أبشر وحييت ثلاثاً تتراً، ثم ثلاثاً وثلاثاً أخرى، ثم بأخرى كي تتم عشراً، أتاك خير، ووقيت شراً، أنكحت والله حصاناً زهراً، وأنت بكر، ولقيت بكراً، وافيتها بنت عظيم قدراً، بنيت أمراً قد أشاد ذكراً. قال عثمان: فعجبت من أمرها حيث تبشرني بالمرأة قد تزوجت بغيري، فقلت: يا خالة! ما تقولين ؟. فقالت: عثمان لك الجمال، ولكِ اللسان، هذا النبي معه البرهان. أرسله بحقه الديان، وجاءه التنزيل والفرقان، فاتبعه لا تغتالك الأوثان. قال: فقلت: إنك لتذكرين أمراً ما وقع ببلدنا. فقالت: محمد بن عبد الله رسول من عند الله، جاء بتنزيل الله يدعو به إلى الله قال عثمان: فانطلقت مفكراً، فلقيني أبو بكر فأخبرته فقال: ويحك يا عثمان، إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، ما هذه الأصنام التي يعبدها قومنا؟ أليست من حجارة صم لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع ؟. قال: قلت بلى والله إنها لكذلك. فقال: والله لقد صدقتك خالتك هذا رسول الله محمد بن عبد الله، قد بعثه الله إلى خلقه برسالته، هل لك أن تأتيه ؟. فاجتمعنا برسول الله، فقال: يا عثمان، أجب الله إلى حقه، فأنا رسول الله إليك وإلى خلقه. قال: فوالله ما تمالكت نفسي منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ثم لم ألبث أن تزوجت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يقال: أحسن زوجين رآهما إنسان رقية وزوجها عثمان وفي إسلام عثمان هجرتها مع عثمان الى الحبشة
و لما تزوج عثمان رقية هاجر بها إلى الحبشة فولدت له عبدالله هناك فكان يكنى به قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: (إِنَّهُمَا لأَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ إِلَى اللهِ بَعْدَ لُوْطٍ) هجرتها الى المدينة و وفاتها
ثم هاجرت إلى المدينة بعد عثمان و مرضت قُبيل بدر فخلف النبى صلى الله عليه و سلم عليها عثمان فتوفيت و المسلمون ببدر عن ابن عباس قال: لما ماتت رقية بنت رسول الله قَالَ: (الْحَقِي بِسَلَفِنَا عُثْمَانَ بنِ مَظْعُوْنٍ). فبكت النساء عليها؛ فجعل عمر يضربهن بسوطه. فَأَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ، وَقَالَ: (دَعْهُنَّ يَبْكِيْنَ). ثم قال: (ابْكِيْنَ، وَإِيَّاكُنَّ وَنَعِيْقَ الشَّيْطَانِ؛ فَإِنَّهُ مَهْمَا يَكُنْ مِنَ القَلْبِ وَالعَيْنِ فَمِنَ اللهِ وَالرَّحْمَةِ، وَمَهْمَا يَكُنْ مِنَ اليَدِ وَاللِّسَانِ فَمِنَ الشَّيْطَانِ). فقعدت فاطمة على شفير القبر إلى جنب رسول الله صلى الله عليه و سلم- فجعلت تبكىفجعل رسول الله – صلى الله عليه و سلم – يمسح الدمع عن عينها بِطَرَفِ ثَوبِهِ. الثابت عِنْدَنَا مِنْ جَمِيْعِ الرِّوَايَةِ: أَنَّ رُقَيَّةَ تُوُفِّيَتْ وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبَدْرٍ. فَلَعَلَّ هَذَا فِي غَيْرِ رُقَيَّةَ، أَوْ لَعَلَّهُ أَتَى قَبْرَهَا بَعْدَ بَدْرٍ زَائِراً.. أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
زواجها قبل النبوة
كان عتبة بن أبي لهب تزوج أم كلثوم قبل البعثة فلم يدخل عليها حتى بُعث النبي صلى الله عليه وسلم و لقي النبيّ -صلّى الله عليه وسلَّم- من أذى قومه أنواعاً مختلفة من الأذى والمكر، فمن ذلك ما روي أن أبا لهب كان قد زوّج ولديه عُتْبَةَ وعُتَيْبَة ببنتي رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- رُقَيَّة وأم كُلْثوم قبل النبوة، فلما بادى رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- قريشاً بأمر الله تعالى وعاب آلهتهم، قالوا: إنكم قد فرَّغتم محمداً من همّه، فرُدّوا عليه بناته فاشغلوه بهنّ. فمَشوا إلى عُتبة بن أبي لهب، فقالوا له: طلّق بنت محمد، ونحن ننكِحك أيّ امرأة من قريش شئت، فقال: إن زوّجتموني بنت أَبان بن سعيد بن العاص أو بنت سعيد بن العاص فارقتها، فزوّجوه بنت سعيد بن العاص وفارقها، ولم يكن دخل بها، فأخرجها الله من يده كرامة لها وهواناً له، وخلف عليها عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- بعده. وفي رواية: أنه لما نزل قوله تعالى: {تبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} قال أبو لهب لابنيه عُتْبة وعُتَيْبة: رأسي من رأسيكما حرام إن لم تُطلِّقا ابنتي محمد، وقالت أمّهما ابنة حرْب بن أُميّة: طلّقاهما فإنهما صَبَأَتا، فطلّقاهما. ولما طلق عُتَيْبة أمّ كلثوم -رضي الله عنها- جاء إلى النبي -صلّى الله عليه وسلَّم- فقال له: كفرت بدينك، وفارقت ابنتك، ثم تسلّط على رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- فشقّ قميصه، فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم-: (أَمَا إنِّي أسأَلُ اللهَ أنْ يُسلِّطَ عليكَ كَلْبَهُ). فخرج عتيبة في تجار من قريش حتى نزلوا بمكان في الشّام، يقال له الزرقاء، ليلاً، فأطاف بهم الأسد تلك الليلة، فجعل عتيبة يقول: يا ويل أُمّي هو والله آكلي كما دعا محمّد عليّ، قتلني ابن أبي كَبْشَة وهو بمكّة، وأنا بالشام، فعدى عليه الأسد من بين القوم فضَغَمَه - عضَّه - ضَغْمَة فقتله. تزوجها عثمان بعد موت أختها سنة ثلاث من الهجرة عن أبي هريرة: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي عثمان بن عفان على باب المسجد فقال: يا عثمان! هذا جبريل يخبرني أن الله قد زوجك أم كلثوم بمثل صداق رقية على مثل مصاحبتها)). وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لو كان لي أربعون ابنة لزوجتهن بعثمان واحدة بعد واحدة، حتى لا يبقى منهن واحدة)). عن المهلب بن أبي صفرة قال: سألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم قلتم في عثمان أعلانا فوقا؟ قالوا: لأنه لم يتزوج رجل من الأولين والآخرين ابنتي نبي غيره. وفى السنة التاسعة للهجرة في شعبان منها توفيت أم كلثوم بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فغسَّلتها أسماء بنت عميس، وصفية بنت عبد المطلب وقيل: غسَّلها نسوة من الأنصار، فيهم: أم عطية. وثبت في الحديث أيضاً أنه عليه السلام لما صلَّى عليها وأراد دفنها قال: لا يدخله أحد قارف الليلة أهله، فامتنع زوجها عثمان لذلك، ودفنها أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه، ويحتمل أنه أراد بهذا الكلام من كان يتولى ذلك ممن يتبرع بالحفر والدفن من الصحابة، كأبي عبيدة، وأبي طلحة ومن شابهم، فقال: ((لا يدخل قبرها إلا من لم يقارف أهله من هؤلاء)). فاطمة الزهراء
السيدة فاطمة الزهراء ابنة سيد الأنبياء والمرسلين وأمها أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد خير نساء العالمين ، ولدت السيدة فاطمة - رضى الله عنها وأرضاها - قبل بعثة المصطفى ( بخمس سنين فى يوم الجمعة 20 من جمادى الآخرة فى العام الذى اختلفت فيه قريش على وضع الحجر الأسعد فى مكانه من الكعبة فوضعه رسول الله ولما عاد إلى بيته تلقى نبأ مولد ابنته فتهلل ودخل على خديجة - رضى الله عنها - وبارك لها فى مولودتها ودعا بالبركة فيها وفى ذريتها والسيدة فاطمة هى الابنة الرابعة لرسول الله من السيدة خديجة فهى بعد زينب ورقية وأم كلثوم ، ولدت السيدة فاطمة ورسول الله يستعد لتلقى النبوة والرسالة فلقد حبب إليه التحنث فى غار حراء مواقفها قبل الهجرة
لقد هجرت السيدة فاطمة بنت محمدٍ الطفولة منذ صغرها فقد عاشت أماً لأبيها بعد موت أمها خديجة - رضى الله عنها وأرضاها - وكانت تخفف عنه الأحزان وترد عنه أذى مشركى قريش فقد أخرج البخارى :أن عقبة بن أبى معيط جاء بسلا جزورٍ فوضعه على ظهر رسول الله فلم يرفع رأسه حتى جاءت فاطمة - رضى الله عنها - فرفعته ودعت على من صنع ذلك عند ذلك رفع النبى رأسه وقال : " اللهم عليك بأبى جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وعقبة بن أبى معيط وأبىّ بن خلف " هجرتها
ولما هاجر رسول الله أرسل رسول الله من يأتى بأهله فخرجت السيدة فاطمة وأختها أم كلثوم ومعهما سودة بنت زمعة وفى طريق الهجرة إلى المدينة نخس الحويرث القرشى الدابة التى كانت تحمل السيدة فاطمة وأختها أم كلثوم فرمت بها الدابة فى طريق الصحراء بين مكة والمدينة وأثرت على ساقيها فلما علم رسول الله بذلك حزن حزنا شديدا ، فلما كان يوم فتح مكة أشار إلى أصحابه بقتل الحويرث حتى ولو تعلق بأستار الكعبة ولم يعتذر الحويرث من فعلته فبحث عنه الإمام علي بن أبى طالب حتى وجده فقتله زواجها من على كرم الله وجهه
ولما بلغت فاطمة مبلغ الزواج تقدم لخطبتها أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب فأجابهما رسول الله بقول جميل كما فى النسائى إنها صغيرة وفى رواية إنى أنتظر بها القضاء وهنا أشار عمر بن الخطاب على عليّ بن أبى طالب أن يتقدم لخطبتها وقال له : أنت لها يا علىّ فتقدم علىّ لخطبتها وكان عمرها فى حوالى الثامنة عشرة من عمرها وكان علىّ فى الثانية والعشرين و روى أن نفرا من الأنصار قالوا لعليّ بن أبى طالب عندك فاطمة فائت رسول الله فسلم عليه وكلمه ، فذهب علىّ إلى رسول الله فما كاد علىّ يجلس حتى قال له رسول الله : " ما حاجتك يا ابن أبى طالب ؟ " فذكر علىّ فاطمة - رضى الله عنها - فقال رسول الله : " مرحبا وأهلا " ولم يرد ، وخرج على - رضى الله عنه - إلى أولئك الجمع من الأنصار وهم ينتظرونه قالوا : ما وراءك ؟ قال علىّ - رضى الله عنه - : ما أدرى غير أن رسول الله قال لى : مرحبا وأهلا قالوا : أيكفيك من رسول الله إحداهما : أعطاك الأهل وأعطاك المرحب ؟ وفى اليوم التالى وقف علىّ - رضى الله عنه - قريبا من رسول الله فألقى عليه السلام ، ثم قال : أردت أن أخطب فاطمة يا رسول الله . فالتفت إليه رسول الله برفق وحنان ثم سأله : " وهل عندك شىء ؟ " فرد عليه علىّ قائلا : لا يا رسول الله . فقال رسول الله : " فأين درعك التى أعطيتك يوم بدر ؟ " فقال علىّ - رضى الله عنه - : هى عندى يا رسول الله . فقال رسول الله: " ائت بها " فجاءه بها فأمره رسول الله أن يبيعها ليجهز العروس بثمنها ، وعلم عثمان ابن عفان بما كان بين رسول الله وعليّ - رضى الله عنه - فاشتراها منه ابن عفان وبالغ فى الثمن ليمكنه من دفع ما يليق بصداق الزهراء فدفع إليه أربعمائة وسبعين درهما فدفعها علىّ كلها صداقا وتمت الخطبة وأعطى النبى لبلال - رضى الله عنه - مبلغا ليشترى ببعضه طيبا وعطرا ثم دفع الباقى إلى أم سلمة - رضى الله عنها - لتشترى ما يحتاج إليه العروسان من متاع وغيره وقبل الحفل قال رسول الله ( لخادمه أنس بن مالك انطلق وادع لى أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وغيرهم من المهاجرين والأنصار ودعا أنس جميعا كبيرا من المسلمين فقام رسول الله خطيبا وقال :" الحمد لله المحمود بنعمته المعبود بقدرته المطاع بسلطانه المهروب إليه من عذابه النافذ أمره فى أرضه وسمائه الذى خلق الخلق بقدرته " ... إلى أن قال : " إن الله عز وجل جعل المصاهرة نسبًا حقًا وأمرًا مفترضا وحكمًا عادلا وخيرًا جامعًا .. فقال الله عز وجل : " وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا " ثم إن الله تعالى أمرنى أن أزوج فاطمة من علىّ وأشهدكم أنى زوجت فاطمة من علىّ على أربعمائة مثقال فضة إن رضى بذلك على السنة القائمة والفريضة الواجبة فجمع الله شملهما وبارك لهما وأطاب نسلهما وجعل نسلهما مفاتيح الرحمة ومعادن الحكمة وأمن الأمة أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم " فقال علىّ : رضيت يا رسول الله ثم خر ساجدا شكرا لله فلما رفع رأسه قال رسول الله: " بارك الله لكما وعليكما وأسعد جدكما وأخرج منكما الكثير الطيب وتزوج علىّ فاطمة وبنى بها بعد مرجع المسلمين من بدر فى محرم فى السنة الثانية من الهجرة وأولم عليها فذبح عليها كبشًا أهداه إياه سعد بن عبادة الأنصارى وكان علي بن أبى طالب فقيرا قال عليّ بن أبى طالب : لقد تزوجت فاطمة وما لى ولها غير جلد كبش تنام عليه بالليل ونعلف عليه الناضح بالنهار وما لى ولها خادم غيرها . وأرسل رسول الله مع فاطمة عند زواجها بخملة ووسادة حشوها ليف وسقاء وجرتين فكان ذلك هدية زواجها من أبيها . انتقالها للعيش بجوار الرسول
وبنى بها فى بيت أمه فاطمة بنت أسد وكان ذلك بعيدا عن بيت رسول الله وكانت تتمنى أن تكون من السكن بقرب أبيها وسرعان ما تحقق أملها فقد جاءها النبى قائلا : " إنى أريد أن أحولك إلىّ " فقالت لرسول الله : فكلم حارثة بن النعمان أن يتحول وأكون إلى جوارك . فبلغ ذلك حارثة فتحول وجاء إلى النبى فقال : يا رسول الله إنه بلغنى أنك تحول فاطمة إليك وهذه منازلى وهى أقرب بيوت بنى النجار بك وإنما أنا ومالى لله ولرسوله والله يا رسول الله المال الذى تأخذ منى أحب إلىّ من الذى تدع . فقال له الرسول: " صدقت بارك الله عليك " فحولها رسول الله إلى بيت حارثة حياتها مع على
وعاشت السيدة فاطمة حياة متواضعة وكانت تعمل بيدها بالرحى حتى أثرت فى يدها ولقد رزق منها الإمام علىّ بالذرية الصالحة ببركة دعاء النبى فقد رزق منها بالحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وكان الإمام عليّ بن أبى طالب يكفى فاطمة العمل خارج البيت وأشار على أمه أن تكفى فاطمة خدمة البيت فلقد أضعفها العمل فأثرت الرحى فى يديها وضعف بدنها وعلم الإمام علىّ أن رسول الله قدم إليه سبىُُ فذهبا يسألان رسول الله خادما ، فلقد روى لما علم علىّ أن النبى قد جاءه خدم قال لفاطمة لو أتيت أباك فسألتيه خادما ؟ فأتته فقال النبى : " ما جاء بك يا بنية ؟ " فقالت : جئت لأسلم عليك واستحيت أن تسأله فأتاها رسول الله فقال على يا رسول الله : أدارت الرحى حتى أثرت فى يدها وحملت القربة حتى أثرت فى نحرها فلما أن جاء الخدم أمرتها أن تسألك فتستخدمها خادما يقيها التعب وما هى فيه من الشدة . فقال النبى : " والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم ولكنى أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم " ورجع رسول الله إلى بيته ثم أتاهما وقد تغطيا بقطيفتهما إذا غطيا أقدامهما تكشف رأساهما فتأثر ثم قال : " مكانكما ألا أخبركما بخير مما سألتمانى ؟ " فقالا : بلى . فقال: " كلمات علمنيهن جبريل - عليه السلام - : تسبحان فى دبر كل صلاة عشرا وتحمدان عشرا وتكبران عشرا وإذا آويتما إلى فراشكما تسبحان ثلاثا وثلاثين وتحمدان ثلاثا وثلاثين وتكبران ثلاثا وثلاثين " ثم ودعهما ومضى فما زالت فاطمة وعلىّ - رضى الله عنهما - يواظبان على ترديدهما طوال حياتهما و روى أَنَّ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، فَلَمَّا سَمِعَتْ فَاطِمَةُ، أَتَتْ، فَقَالَتْ: إِنَّ قَوْمَكَ يَتَحَدَّثُوْنَ أَنَّكَ لاَ تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ. فَقَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَمِعْتُهُ حِيْنَ تَشَهَّدَ، فَقَالَ: (أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَنْكَحْتُ أَبَا العَاصِ بنَ الرَّبِيْعِ، فَحَدَّثَنِي، فَصَدَقَنِي، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بِضْعَةٌ مِنِّي، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ يَفْتِنُوْهَا، وَإِنَّهَا -وَاللهِ- لاَ تَجْتَمِعُ ابْنَةُ رَسُوْلِ اللهِ وَابْنَةُ عَدُوِّ اللهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ). فَتَرَكَ عَلِيٌّ الخِطْبَةَ. و فى روايه أخرى : (وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِيْنِهَا). حب الرسول صلى الله عليه و سلم لها و فضلها
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ). قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (نَزَلَ مَلَكٌ، فَبَشَّرَنِي أَنَّ فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ). عن ثوبان قال: دَخَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى فَاطِمَةَ وَأَنَا مَعَهُ، وَقَدْ أَخَذَتْ مِنْ عُنُقِهَا سِلْسِلَةً مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَتْ: هَذِهِ أَهْدَاهَا لِي أَبُو حَسَنٍ. فَقَالَ: (يَا فَاطِمَةُ! أَيَسُرُّكِ أَنْ يَقُوْلَ النَّاسُ: هَذِهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَفِي يَدِهَا سِلْسِلَةٌ مِنْ نَارٍ). ثُمَّ خَرَجَ، فَاشْتَرَتْ بِالسِّلْسِلَةِ غُلاَماً، فَأَعْتَقَتْهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الحَمْدُ للهِ الَّذِي نَجَّى فَاطِمَةَ مِنَ النَّارِ). عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَادَ فَاطِمَةَ وَهِيَ مَرِيْضَةٌ، فَقَالَ لَهَا: (كَيْفَ تَجِدِيْنَكِ؟). قَالَتْ: إِنِّي وَجِعَةٌ، وَإِنَّهُ لَيَزِيْدُنِي، مَا لِي طَعَامٌ آكُلُهُ. قَالَ: (يَا بُنَيَّةُ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُوْنِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ العَالَمِيْنَ؟). قَالَتْ: فَأَيْنَ مَرْيَمُ؟ قَالَ: (تِلْكَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ عَالَمِهَا، وَأَنْتِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ عَالَمِكِ، أَمَا -وَاللهِ- لَقَدْ زَوَّجْتُكِ سَيِّداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ). قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّمَا فَاطِمَةُ شُجْنَةٌ مِنِّي، يَبْسُطُنِي مَا يَبْسُطُهَا، وَيَقْبِضُنِي مَا يَقْبِضُهَا). وَصَحَّ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَلَّلَ فَاطِمَةَ وَزَوْجَهَا وَابْنَيْهِمَا بِكِسَاءٍ، وَقَالَ: (اللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي، اللَّهُمَّ فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ، وَطَهِّرْهُم تَطْهِيْراً). عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَمُرُّ بِبَيْتِ فَاطِمَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، إِذَا خَرَجَ لِصَلاَةِ الفَجْرِ، يَقُوْلُ: (الصَّلاَةَ يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ، {إِنَّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْراً}) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: نَظَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ، فَقَالَ: (أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُم، سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُم). وقد نزل فى شأنها وزوجها قرآن ُُيتلى إلى يوم القيامة ، فقد نزل جبريل الأمين على رسول الله بقوله تعالى : " وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً ولا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا " وقال جبريل : خذها يا محمد هنيئا لك فى أهل البيت وفى الصحيحين قالت عائشة - رضى الله عنها - :جاءت فاطمة تمشى ما تخطئ مشيتها مشية رسول الله فقام إليها وقال : " مرحبا بابنتى " وأخرج أبو داود والحاكم عن عائشة - رضى الله عنها - قالت : ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما وحديثا برسول الله من فاطمة وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبلها ورحب بها وكذلك كانت هى تصنع به . وفاة الرسول
ولما كان رسول الله فى المرض الذى لحق فيه بالرفيق الأعلى وقت احتضار النبى دخلت عليه وقد ألم به المرض فحزنت وقالت : وا كرب أبتاه . فقال رسول الله : " لا كرب على أبيك بعد اليوم ". ثم كلمها فى أذنها فبكت ثم أسر إليها أخرى فضحكت ، عن عائشة - رضى الله عنها - قالت :كنا أزواج النبى اجتمعنا عنده فلم يغادر منهن واحدة فجاءت فاطمة تمشى ما تخطئ مشيتها مشية رسول الله فلما رآها رحب بها وقال : " مرحبا بابنتى " ثم أقعدها عن يمينه أو عن يساره . ثم سارَّها فبكت ثم سارها الثانية فضحكت ، فلما قام قلت لها : خصك رسول الله بالسر وأنت تبكين ، عزمت عليك بما لى عليك من حق لما أخبرتنى مم ضحكت ومم بكيت ؟ قالت : ما كنت لأفشى سر رسول الله. فلما توفى قلت لها : عزمت عليك لما لى عليك من حق لما أخبرتنى قالت : أما الآن فنعم فى المرة الأولى حدثنى : " أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة وأنه عارضنى العام فى هذه السنة مرتين وأنى لا أحسب ذلك إلا عند اقتراب أجلى فاتقى الله واصبرى فنعم السلف لك أنا وأنت أسرع أهلى بى لحوقا " فبكيت، فلما رأى جزعى ، قال :" أما ترضين أن تكونى سيدة نساء العالمين أو سيدة نساء هذه الأمة فضحكت . فلما مات رسول الله بكته بكاءً شديدا وقالت يومها : يا أبتاه أجاب ربا دعاه ، يا أبتاه فى جنة الفردوس مأواه ، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه . ولما دفن أقبلت فاطمة - رضى الله عنها - على أنس بن مالك فقالت : يا أنس كيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله وفاتها
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: عَاشَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَدُفِنَتْ لَيْلاً. وَصَلَّى عَلَيْهَا العَبَّاسُ، وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهَا هُوَ وَعَلِيٌّ وَالفَضْلُ عَنِ أُمِّ جَعْفَرٍ: أَنَّ فَاطِمَةَ قَالَتْ لأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ: إِنِّي أَسْتَقْبِحُ مَا يُصْنَعُ بِالنِّسَاءِ، يُطْرَحُ عَلَى المَرْأَةِ الثَّوْبُ، فَيَصِفُهَا. قَالَتْ: يَا ابْنَةَ رَسُوْلِ اللهِ، أَلاَ أُرِيْكِ شَيْئاً رَأَيْتُهُ بِالحَبَشَةِ؟ فَدَعَتْ بِجَرَائِدَ رَطْبَةٍ، فَحَنَتْهَا، ثُمَّ طَرَحَتْ عَلَيْهَا ثَوْباً. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَجْمَلَهُ! إِذَا مِتُّ فَغَسّ